عرف الوسط الفنى أكثر من فنان شكلوا بأنفسهم حالات خاصة ومميزة جدًا فى دنيا الفن، وبرعوا فى أكثر من مجال، ومنهم الشاعر الراحل صلاح جاهين، الذى كتب لمسرح العرائس "أوبريت الليلة الكبيرة".
وقدم جاهين أشهر رباعيات بالعامية المصرية، وألف المئات من أنجح الأغانى، ومثل، وغنى، وكتب السيناريوهات للسينما، وبرع فى الكتابة المسرحية، وكان واحدًا من أبرع رسامى الكاريكاتير فى الصحف المصرية كل ذلك فى آن واحد، ودون أن تطغى موهبة على الأخرى أو تسحب من رصيدها ورصيده لدى الناس.
والفنان خالد الصاوى ينتمى إلى هذه النوعية النادرة من الموهوبين، فهو مخرج مسرحي متميز، حصل على أكثر من جائزة عن عروض مسرحية قام بإخراجها وشارك بها فى مهرجان المسرح التجريبى وغيره.
وهو ممثل من طراز رفيع، بدأ يثبت أقدامه على الشاشة، خطوة خطوة من خلال أفلام وأعمال خفيفة، حتى وصل هذا العام إلى البطولة المطلقة فى فيلم "أدرينالين" ومسلسل "قانون المراغى".
وهو أيضًا كاتب مسرحى موهوب، وعازف ماهر، وشاعر فصحى حداثى له صوت خاص، لا يقلد فيه أحدًا، ومفرداته بسيطة جميلة وموحية وقصائده تنم عن حس وطنى وسياسى مرهف، وقدرة فذة على تطويع اللغة فى خدمة الفكرة.
وقد قرأت له ديوان "أجراس"، فوجدت فيه شاعرًا موهوبًا، وسمعت بعض قصائد ديوانه الأخير، فحزنت لأنه لم يقدم نفسه كشاعر سوى من فترة قليلة جدًا، وحزنت أكثر لأنه لولا شهرة خالد الصاوى كممثل، لما حظيت دواوينه بكل هذا الاهتمام الإعلامى، بدليل أنهم يتحاورون معه حول أشعاره فى برامج فنية، وليس فى برامج ثقافية متخصصة، وهذا مع الأسف هو حال الشعر والشعراء الآن فى بلدنا.
ولكن إذا كان الصاوى صاحب سبع "صنايع" أو بالأحرى سبع مواهب، فإن حظه لم يضع فى الشهرة والتفوق، خصوصًا أنه يعرف جيدًا متى يقدم نفسه كشاعر ومتى يتفرغ لعمله كممثل، وكيف يختار العروض التى يخرجها.. وهو فى كل الأحوال صادق ومخلص وموهوب.